أ.د/ عبدالخالق هادي طواف

مفاهيم بحثية تحتاج_توضيح

لفهم الفرق بين كتابة المقدمة والمشكلة، يجب أن ندرك أن لكل منهما دورا مميزا في إعداد البحث، حيث تسهم في توضيح السياق والأهمية والفجوة التي يعالجها البحث.

1. المقدمة:
   الغرض: تقدم مقدمة الدراسة لمحة عامة عن الموضوع، وتُظهر للقارئ لماذا يعد هذا الموضوع مهما.
   المحتوى: توضح المقدمة خلفية الدراسة، والأسباب التي تدفع لدراسة هذا الموضوع، والاتجاهات العامة والتحديات المرتبطة به وذلك بشكل عام وغير محدد دون ذكر تفاصيل دقيقة حول مشكلة البحث أو فجوة المعرفة.

مثال على مقدمة:
تعد العدالة التنظيمية عنصرا أساسيا في بيئات الأعمال الحديثة، حيث تؤثر بشكل مباشر على رضا الموظفين وإنتاجيتهم. وقد أظهرت الأبحاث السابقة أن بيئات العمل التي تسودها العدالة تساهم في تعزيز الولاء المؤسسي وتقليل معدلات ترك العمل. ومع التغيرات السريعة في ديناميكيات العمل الحالية، أصبح الاهتمام بدراسة العوامل التي تحفز العدالة التنظيمية وتأثيرها على أداء الموظفين ضرورة ماسة.

التوضيح في المثال: المقدمة هنا تبرز أهمية العدالة التنظيمية وتأثيرها العام على بيئة العمل. تكتفي بتقديم فكرة شاملة دون الدخول في تفاصيل عن المشكلة التي سيبحثها الباحث.

2. مشكلة الدراسة:
   الغرض: تسلط الضوء على الفجوة البحثية، وتوضح المشكلة التي يسعى البحث إلى حلها. تحدد بوضوح ما الذي لا يُعرف بعد أو ما هو غير واضح في الأدبيات السابقة، مما يبرر أهمية هذا البحث.
   المحتوى: تقدم المشكلة بيانا دقيقا حول النقاط غير المدروسة أو المشكلات التي لم يتم حلها والتي سيحاول الباحث معالجتها. يمكن أيضا ذكر أسباب اختيار المشكلة والفجوة التي سيغطيها البحث، وتكون المشكلة محددة ودقيقة، وتشرح الحاجة الملحة لإجراء البحث.

مثال على مشكلة الدراسة:
رغم الأهمية المتزايدة لمفهوم العدالة التنظيمية في بيئات الأعمال، إلا أن الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لا تزال محدودة. تشير الدراسات إلى أن الصمت التنظيمي يعد إحدى العقبات الرئيسة التي تحول دون مشاركة الموظفين بفعالية، مما ينعكس سلبا على مستويات الإنتاجية والإبداع. تهدف هذه الدراسة إلى استكشاف العلاقة بين العدالة التنظيمية ومستويات الصمت التنظيمي لدى العاملين في المؤسسات المتوسطة، وتحديد مدى تأثير العدالة التنظيمية على تحسين بيئة العمل.

التوضيح في المثال: تركز المشكلة هنا على فجوة معينة (نقص الأبحاث حول العدالة التنظيمية في منطقة الشرق الأوسط، وتأثيرها على الصمت التنظيمي). توضح لماذا يعد البحث في هذا الموضوع ضروريا من خلال تحديد قضية لم تُبحث بشكل كاف سابقا.

الفرق الرئيس بين المقدمة والمشكلة:
المقدمة تعطي خلفية عامة وتوضح أهمية الموضوع ككل، بينما المشكلة تحدد بوضوح الفجوة البحثية التي ستعالجها الدراسة.
المقدمة تتناول أهمية البحث بشكل شامل ومختصر، أما المشكلة فتركز على نقطة معينة لم تُدرس بعمق، وتوضح سبب الحاجة إلى هذا البحث تحديدا.
في إدارة الأعمال، يمكن أن تركز المقدمة على أهمية موضوع عام مثل “أهمية تعزيز بيئات العمل العادلة”، بينما تركز المشكلة على فجوة معينة، مثل “أثر العدالة التنظيمية على الصمت التنظيمي في المؤسسات المتوسطة الحجم”.

نصائح لكتابة المقدمة والمشكلة بشكل واعٍ:
في المقدمة، استعرض أهمية الموضوع وتأثيره الواسع، مع التركيز على كيف سيسهم البحث في إثراء المجال بشكل عام.
في المشكلة، حدد ما الذي سيضيفه البحث الحالي في المجال، وقدم سياقا مقنعا يوضح لماذا يجب أن يتناول البحث هذه النقطة تحديدا.