كتابات : المدرسة والجامعة: خصوصية المنهج وتتابع المعرفة بقلم ا.د نعمان فيروز من نافلة القول أن “الجامعة ليست المدرسة” إذ أن المدرسة المؤسسة التعليمية الأولى التي يضطلع بها إكساب المتعلمين المستوى الأول من المعرفة “المعرفة الاساسية”، وتتسم بمناهجها المغلقة والتي يتعارف عليها التربويون وخبراء جودة التعليم “بالمحتوى التعليمي/ المنهج الدراسي الموحد – الكتاب المدرسي”. بينما الجامعة هي المؤسسة التعليمية العليا التي يضطلع بها إكساب الدارسين ثلاثة مستويات من المعرفة وهي: “المعرفة التخصصية – بكالوريوس”، ” المعرفة المتقدمة – الماجستير” ، ” المعرفة المعمقة – الدكتواره”، وتتسم بمناهجها التعليمية المفتوحة والمنفتحة على مختلف المعارف والمهارات في شتى العلوم، والتي تتيح للدارسين فرصة البحث والتحليل والاستقراء والاستنباط والوصول إلى الحلول المبتكرة في سياق علمي يسهم في تحقيق وظائفها التعليمية والبحثية وخدمة المجتمع؛ وهذا يُظهر بجلاء الفرق الكبير بين المدرسة والجامعة في الوظيفة، والمنهج، ومستوى التوقع المجتمعي من مخرجاتها. ومن هنا، يأتي حديثنا من منطلق مسئوليتنا الوطنية، والعلمية، ومحبةً في بلادنا، ونزولاً عند مصالح مؤسساتنا التعليمية الجامعية، وحرصاً على مخرجاتنا، وسمعتنا الاكاديمية، لنوضح أن مشروع توحيد الخطط الدراسية والمناهج التعليمية في مؤسسات التعليم الجامعي اليمني بحاجة ماسة وعاجلة إلى معرفة المحددات الوطنية والعربية والدولية تجاه مثل هكذا أفكار ومشاريع حتى لا تتحول الجامعة إلى مدرسة، وتتحول المناهج التعليمية الجامعية إلى كتاب موحد وكأنه كتاب مدرسي، ومن هذه المحددات بشكل عام ما يلي: للجامعات حرية تصميم نسبة من المنهج التعليمي حسب رسالتها، أهدافها، تخصصاتها، مواصفات خريجيها، مواكبتها لاحتياجات سوق العمل. هذه النسب تختلف من بلد لآخر، فهناك دول تعتمد نسبة 70% على مستوى وطني، و 30% تتميز بها الجامعة/ برامجها عن غيرها، وبعضها تعتمد 50-60% على مستوى وطني، و 50- 40% تتميز بها الجامعة/ برامجها عن غيرها، ودول اخرى تعتمد 80% على مستوى وطني، و 20% تتميز بها الجامعة/ برامجها عن غيرها. معظم الجامعات الحاصلة على رتب متقدمة في التصنيفات العالمية التزمت بالمعايير الأكاديمية المرجعية سواءً الوطنية منها (NARS)، أو الخاصة بها (ARS)، بما في ذلك موجهات الخطط الدراسية التي تؤكد نسبة الحرية في تصميم المنهج التعليمي. تختلف الانظمة التعليمية في بعض التخصصات في إطار البلد الواحد، ومن بلد لآخر مثل برامج الطب والجراحة (التقليدي، والتكاملي، …الخ). تختلف أسلوب الدراسة بين برنامج وآخر في اطار الجامعة الواحدة، ومن جامعة لاخرى سواء كانت الساعات المعتمدة، أو نظام الساعات التدريسية الفعلية، التدريب الميداني، العملي….الخ. تنتهج بعض الجامعات أنماط تعليم مختلفة وهذا يقتضي تصميم المناهج بطريقة تتسق ونمط التعليم المحدد. تطمح بعض الجامعات إلى إضافة مهارات حياتية في بعض البرامج الأكاديمية تميز خريجيها في سوق العمل عن غيرها. الحرية النسبية تعزز عدم قولبة الخريجين بنمط واحد على مستوى وطني. تلك المحددات تقودنا إلى مجموعة من المحاذير في حال عدم الاكتراث واستمرار الفريق المعني بهذا الملف دون ضوابط علمية، ومعايير اكاديمية، وبالتالي سوف يقودنا إلى: إدخال الجامعات في دوامة إعادة توصيف البرامج الأكاديمية، ومقرراتها الدراسية من جديد.. تعدد نماذج واصدارات السجل الاكاديمي من فوج لآخر، وهذا يضر بوثائق الطلبة عند تخرجهم لا سيما خارج الوطن. تعدد افواج المقيدين كل فوج بخطة دراسية لنفس التخصص والكلية. قولبة الخطط الدراسية والخريجين بنمط واحد. يتيح فرصة تصميم منهج تعليمي موحد وفي كتاب جامعي موحد لا يختلف عن الكتاب المدرسي. تجميد واعاقة المؤسسات التعليمية التي لديها طموح بالتميز عن غيرها. قد يقود هذا الى الاختبارات الوطنية المركزية في كل التخصصات وكأنها اختبارات وزارية اشبه بالثانوية العامة. يسهل سرقة التوصيفات ونسخها ولصقها من جامعة لاخرى. تغييب للمعايير الوطنية الاكاديمية المرجعية (NARS) الذي أعدها مجلس الاعتماد الاكاديمي. هذا المشروع – إن تم – سيعالج الخطط الدراسية للتخصصات المطروحة حالياً، فكيف سيكون حال التخصصات الجديدة خلال خمس سنوات قادمة، من الجامعة التي سيتم الاعتماد عليها لتكن مرجعية ووفقا لماذا؟؟ من سيضمن تطبيق مخرجات المشروع وسلامة ذلك. ونرى بعد سرد بعض المحددات التي يجب أخذها بعين الاعتبار، وايضا المحاذير المتوقع حدوثها، نقترح ما يلي: أن تنفذ المرحلة الأولى من المشروع على توحيد متطلبات الجامعة فقط تحت مسمى “المحتوى المعياري الموحد” ويتم توصيف المقررات الدراسية، ولا يمنع حتى عمل كتاب جامعي لتلك المقررات. تعد دراسة علمية من فريق الخبراء ومن مختلف التخصصات لدراسة إمكانية توحيد متطلبات الكليات وتوصيف مقرراتها الدراسية، ورسم آلية عمل واضحة لذلك مع الاخذ بعين الاعتبار المرجعيات التشريعية والعربية والدولية في هذا المسار. عمل موجهات عامة للخطط الدراسية “المقررات التخصصية” لكل تخصص بنسبة 70%، مع ترك 30% للجامعات بما يعزز هويتها، ورسالتها، وأهدافها المنشودة. تحديد عام جامعي للبدء فيه بعد إنجاز كل ما سبق على يد خبراء متخصصون علمياً ومعيارياً مع عقد ورش عمل لذلك لإثراء المخرجات بما يضمن جودتها. تشكيل لجنة مشتركة عليا بقرار وزاري للإشراف والمتابعة والتقييم والتحسين المستمر. والله الموفق،، بتاريخ: 22 محرم 1447هـ، الموافق 17 يوليو 2025م شارك هذا الموضوع: منصة يمن أكاديميك انقر للمشاركة على WhatsApp (فتح في نافذة جديدة) WhatsApp انقر للمشاركة على Telegram (فتح في نافذة جديدة) Telegram انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X النقر لإرسال رابط عبر البريد الإلكتروني إلى صديق (فتح في نافذة جديدة) البريد الإلكتروني اضغط لتشارك على LinkedIn (فتح في نافذة جديدة) LinkedIn النقر للمشاركة على Mastodon (فتح في نافذة جديدة) Mastodon اضغط للمشاركة على Tumblr (فتح في نافذة جديدة) Tumblr اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة) طباعة معجب بهذه:إعجاب تحميل... مرتبط نُشر بواسطة alrofeed المدير التنفيذي لمنصة يمن أكاديميك عرض كل المقالات حسبalrofeed