كتابات : زيارة إلى معرض صنعاء التعليمي الثاني : بين الطموح والتحديات

بقلم : م. منصور الصلوي المدير التنفيذي للمنصة

يمن أكاديميك

في إطار اهتمامي بالشأن التعليمي ومتابعة تطورات العملية التعليمية في اليمن، قمت خلال اليومين الماضيين بزيارة معرض صنعاء التعليمي الثاني، والذي أُقيم تحت رعاية وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي خلال شهر يوليو 2025، بمشاركة واسعة من الجامعات والكليات الأهلية، والمعاهد الأكاديمية، والشركات والمؤسسات التعليمية.

منذ اللحظة الأولى لدخولي إلى المعرض، بدا واضحًا حجم الجهد المبذول في تنظيم هذا الحدث، الذي يُعد من أبرز الفعاليات التعليمية في البلاد. حتى وان جاء متأخرا فقد تميز بتنوع الأجنحة، وتفاعل الزوار من مختلف الفئات، لا سيما طلاب الثانوية العامة وأولياء الأمور، وهو ما يعكس ارتفاع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية التوجيه الأكاديمي والاستعداد المبكر للالتحاق بالتعليم العالي.

رغم إقامة المعرض في شهر يوليو ٢٠٢٥م والذي كان يفترض ان يتم التنسيق مع المدارس لاستقطاب طلبة الثانوية العامة والمقبلين على التخرج لدخول الجامعات كما ان جاء بعد إعلان الوزارة بدء عملية التنسيق والقبول للعام الجامعي ٢٠٢٥-٢٠٢٦م في ٩ شوال ١٤٤٦ هجرية الموافق ٧ ابريل ٢٠٢٥م اي بعد ثلاثة أشهر من عملية القبول في الجامعات.

فما كان لنا خلال الزيارة الا ان نذكر أبرز الإيجابيات التي لفتت انتباهي:

  • تنوع المؤسسات المشاركة: جمع المعرض تحت سقف واحد عددًا كبيرًا من الجامعات والكليات والمعاهد من مختلف التخصصات، مما أتاح للزوار خيارات أكاديمية واسعة.
  • الخدمات الإرشادية والتعليمية: برزت بعض الأجنحة في تقديم استشارات تعليمية مجانية ومباشرة، تساعد الطلبة على اختيار التخصص المناسب وفقًا لقدراتهم واهتماماتهم وسوق العمل.
  • مشاركة شركات داعمة للتعليم: تميز المعرض بحضور شركات ومؤسسات تقدم خدمات مهمة، مثل القبول الجامعي، والدورات التحضيرية، والمنح والتخفيضات الدراسية، وهو ما أضاف قيمة مضافة للزوار.
  • تنظيم ورش وفعاليات مصاحبة: أُقيمت على هامش المعرض ورش عمل ومحاضرات تثقيفية حول التخصصات الحديثة والتحديات التعليمية، ساهمت في رفع الوعي الأكاديمي لدى الزوار.

وبالفعل هناك جهود بذلت بشكل كبير من قبل المعدين للمعرض الا ان هناك بعض الملاحظات التي نتمنى أن يتم النظر فيها لتحسين المعارض القادمة ومن هذه الملاحظات:

حضر العرض فقط على الجامعات الأهلية ولم يتم إشراك الجامعات الحكومية والتي تمثل اساسا للتعليم العالي في اليمن

  • غياب التنوع الجغرافي الكامل: اقتصرت مشاركة عدد من الجامعات على أمانة العاصمة بعينها، في حين غابت جامعات من مناطق أخرى جنوب وشرق البلاد، مما أضعف من شمولية المعرض.
  • ضعف تنظيم حركة الزوار: شهد المعرض ازدحامًا ملحوظًا خلال أوقات الذروة، وسط غياب واضح لآلية تنظيمية داخلية أو فرق إرشاد تساعد في توجيه الزوار إلى الأجنحة المختلفة.
  • نقص في المواد التعريفية: بعض الأجنحة كانت تفتقر إلى البروشورات أو المواد التعريفية اللازمة، ما صعّب على الزائر الحصول على معلومات كافية حول البرامج المعروضة.وكذلك لم تهتم اي جهة مشاركة باستعراض مخرجاتها ومتطلبات سوق العمل ولا توجد اي إحصائية لعرض التوظيف لمخرجات هذه الجهات كنوع من التحفيز للطلبة
  • غياب التسويق الالكتروني: لم تتوفر منصة إلكترونية تقوم بعرض الاحداث اليومية للمعرض وكذلك الزيارات التي يقوم بها بعض الجهات الحكومية والخاصة للمعرض وكذلك لا يوجد توثيق مستمر وكذلك عدم عرض معلومات الجهات المشاركة وجدول الفعاليات، وهو ما يعد من النقاط التي يجب تداركها مستقبلًا.
  • الدورات التدريبية والاستشارات : لم تهتم بعض الجهات المشاركة في المعرض بتخصيص دورات تدريبية يتم من خلالها تدريب الطلبة على اختيار التخصص الأنسب وكذلك معرفة الميول الجامعي.
  • غياب المعلومات الشاملة : بعض الجهات المشاركة كانت تفتقر إلى بعض المعلومات مثل الخطط الدراسية وأسعار الرسوم الدراسية والتخفيضات والامتيازات التي يمكن حصول الطالب عليها.

رؤية مستقبلية لتوسيع أثر المعرض

ورغم أن المعرض يُعد خطوة رائدة في استقطاب الطلبة وتعريفهم بالفرص التعليمية المتاحة، إلا أن من المفيد تطوير هذه الفعالية لتصبح منصة تعليمية ومهنية شاملة، لا تقتصر على التوجيه الأكاديمي فحسب، بل تمتد لتشمل عرض مخرجات التعليم والتوظيف.
ومن الأفكار التي تستحق الدراسة والتنفيذ: تخصيص جناح ضمن المعرض لعرض مشاريع التخرّج المتميزة من مختلف الجامعات، ودعوة شركات ومؤسسات من سوق العمل لاستكشاف هذه المخرجات، والتفاعل مع الخريجين بغرض توفير فرص توظيف أو تدريب.
إن تحويل المعرض التعليمي إلى فضاء يجمع بين الإرشاد الأكاديمي وربط التعليم بسوق العمل سيكون نقلة نوعية في المشهد التعليمي اليمني، وسيسهم في تحقيق أهداف التنمية وبناء جيل مؤهل قادر على الإسهام الفاعل في إعادة بناء الوطن.

ختامًا

تُعد هذه التجربة خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، ومع تلافي أوجه القصور وتطوير المحتوى والهيكل التنظيمي للمعرض، يمكن أن يتحوّل إلى حدث وطني سنوي أكثر تأثيرًا في مستقبل التعليم باليمن، يجمع الأطراف الأكاديمية والمهنية ضمن رؤية تكاملية موحّدة.

3 Comments

  1. يقول غير معروف:

    تقربر اخباري وافي شافي كافي احسنت استاذ منصور اعطيتني خلاصة كاملة عن ماكنت اجهله في اقامة هذا المعرض لعدم تمكني من حضوره وانشغالي باعمال في قطاع التعليم العالي اتمنى ان يطلع المعنيون عليه والاخذ بما ورد فيه من ملاحظات قيمة وموضوعية .

  2. يقول alrofeed:

    العفو يا حبيب

  3. يقول غير معروف:

    نقاط مهمة جدا

اترك رد